newsletter

اشتراك في نشرتنا الإخبارية لتلقي آخر التحديثات





















مجوهرات موضة

مجموعة لو غران تور، كما ترويها دار فان كليف أند آربلز

دعوة إلى الانطلاق بالأحلام

في العام 1910، وبعد أربع سنوات على تأسيس دار فان كليف أند آربلز، نشر أندريه سواريز روايةً تحكي رحلته عبر إيطاليا. فكان عمله الذي حمل عنوان Le Voyage du Condottière عبارةً عن نزهةٍ جال خلالها عبر المراكز الثقافية للبلد ذات الخريطة التي تشبه الحذاء (في البندقية، وفلورنسا، ونابولي)، كما كشفت صفحاته عن بحث استطلاعيّ لعظماء النهضة (ليوناردو دافنشي، وبوتيتشيلي، ومايكل أنجلو، وغيرهم). وبالنسبة إلى الكاتب والشاعر الفرنسي، “كما كلّ شيء له أهمية في الحياة، فإنّ الجولة الكبرى عمل فنيّ: هي إبداع”.[1] سيرًا على خطى ذاك المؤلّف وكلّ المسافرين الذين قاموا بالجولة الكبرى أو “Grand Tour”[2] الخاصة بهم، أعادت الدار تفسير رحلة تنشئة خاصة بها تركت بصمتها على المشهد الفنّي والثقافي في أوروبا.

كانت بدايات الجولة الكبرى في إنكلترا في القرن السادس عشر، وقد سُمّيت في إشارةٍ إلى رحلةٍ دائريةٍ تعود إلى نقطة بدايتها، لتحظى بشعبية واسعة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وكان الأرستقراطيون الشباب يقومون بهذه الرحلة الاستكشافية عبر القارة (والتي تدوم لعامين أو ثلاثة أعوام) من أجل إنهاء دراستهم ما بعد الأكاديمية، وصقل شخصيتهم، وتوسيع عقولهم، وضمان دخولهم إلى المجتمع. وكانت هذه التجربة موصىً بها بشدة في تلك الفترة، وكانت تتكوّن من شقّين إلزاميين: زيارة باريس، والمكوث في المدن الرئيسية في إيطاليا. وفيما كانت مناطق شمال فرنسا، وسويسرا، وممرّات جبال الألب، ومقاطعات ألمانيا جميعها من المحطّات التي من الشائع التوقف فيها، إلاّ أنّ مسار الرحلة كان متغيّرًا. فالجولة كانت، وقبل كل شيء، تمثّل ملحمةً شخصيةً، تسير على وقع الأحداث السياسية، والحروب، والحركات الفنية والأزياء، بالإضافة إلى عوامل خاصة أخرى (من قبيل نقاط المغادرة المختلفة، والمركز الاجتماعي، والموارد المالية، والتفضيلات الشخصية). كانت الجولة الكبرى، وهي مثال حقيقي للتربية الفكرية والثقافية والاجتماعية، تعد بدراسات عملية في الفن والأدب. ويتخلّلها استكشاف للمعالم الرمزية للبلدان التي تتم زيارتها، سواء كانت آثارًا لماضيها المجيد أو انعكاسات حديثة لأهميتها المعاصرة. وعلى الرغم من أن تكلفة تلك الرحلة كانت تبقيها حكرًا على النخبة في بداياتها، إلا أنها جذبت جمهورًا أوسع على مرّ السنين، واستحوذت على اهتمام الفنانين والمثقفين.

مشبك ديا إيترنا

©فان كليف أند آربلز – إيناس ديلمان

في النسخة الأصلية التي وحّدها البريطانيون، كان خط سير الرحلة ينطلق بدايةً من لندن وصولًا إلى فرنسا. في باريس، يتأمّل المسافرون إبداعات ما يعرف بالقرن العظيم “أو  Grand Siècle “، لا سيما تلك التي قام بها ملك الشمس لويس الرابع عشر، والتي جعلت المدينة نموذجًا للذوق الرفيع. ولما كانت هذه الكلاسيكية الفرنسية تستمدّ إلهامها من العصور القديمة، ومن عصر النهضة، فهي كانت تستدعي الإقامة في إيطاليا ليتمّ فهمها بالكامل. في مدينتيْ هيركولانيوم وبومبي، اللتين دفنهما ثوران بركان جبل فيزوف في العام 79، كشفت الحفريات الأثرية في الثلاثينيات، والأربعينيات من القرن الثامن عشر عن كنوزٍ قديمة: من آثارٍ، وأغراضٍ يوميةٍ، ومجوهرات، تشهد على حضارةٍ مثالية، وأصبحت مواضيع لدراسات متعمّقة. وإذ ساهمت روايات تلك الرحلات في نشر هذا الذوق العظيم أو ما يعرف بـ”” Grand Goût[3] في مختلف أرجاء أوروبا، فقد أدّت إلى نشوء الكلاسيكية الجديدة.[4] وكان أن تنازل أسلوب الروكوكو عن انحناءة أشكاله ووفرة زخارفه ليفسح المجال أمام البساطة المطلقة لأسلوب العصور القديمة. وانتقل عشق الأشياء القديمة إلى عالم المجوهرات. فمن الأمشاط، إلى التيجان والسلاسل وصولًا إلى أقراط الأذن المتدلية، والأساور، ومشابك الأحزمة، اتخذت المجوهرات – المشغولة بالذهب، على غرار النماذج التي تمّ استخراجها من باطن الأرض، هيئاتٍ متماثلةً وأصبحت مرصّعةً باللآلئ والأحجار الكريمة المنقوشة بزخارف مستعارة من العصور القديمة. وأصبحت الرموز والجواهر ذات النقوش المحفورة بشكل نحتٍ غائر على الأحجار الكريمة مطلوبةً إلى حدّ بعيد. ونشأت عن هذه الموضة، التي انبثقت من إعادة استخدام الأغراض التي تمّ اكتشافها في أعمال الحفر، ومعها الابتكارات المعاصرة، إلى صناعةٍ كاملة متكاملة، وإلى تطوّر تقنيات مقلّدة لتحويل هذه الأغراض إلى ابتكاراتٍ متاحة للجميع. وبينما أصبحت الأصداف المحفورة[5] ، والتي كان يسهل العمل عليها، هدايا تذكاريةً أصليةً للأسفار والرحلات في إيطاليا، لجأ مصنع ويدجوود الإنكليزي إلى استخدام الخزف من أجل إعادة إنتاج تصاميم العصور القديمة. وجذبت أشكال الفسيفساء المصغّرة من روما أيضًا مزيدًا من الاهتمام، ففي عالم المجوهرات، أتاح هذا المزيج من الألواح الصغيرة، والتي تعرف أيضًا بالرقع أو tesserae، والمصنوعة من الزجاج الملون (أو أحيانًا من المينا أو الأواني الترابية) إمكانية ارتداء المناظر الطبيعية العتيقة التي يحلم بها الكثيرون كزينةٍ، بعد تثبيت الرقع على ترصيعة معدنية.

عقد نينفي

©فان كليف أند آربلز – إيناس ديلمان

 

في سياق الرحلة إلى البعيد أو العودة، أثار مرور المسافرين عبر جبال الألب صدمةً جماليةً حقيقية[6]. فساهمت روعة الطبيعة المبهرة والخلاّبة التي يتعذر الوصول إليها في تطوير نظرياتٍ وحركات فنية جديدة (عرفت بالساميةSublime [7]). وكان لكلّ من المناظر الخلابة – ومن عام 1820 فصاعدًا لحركة الرومانسية- تأثير على فن المجوهرات. في رحلة العودة، وبعد المحطات المضنية جسديًا وفكريًا، كانت بادن بادن بمثابة محطة مرحب بها، وفرصة سانحة لاكتشاف الفولكلور الألماني والاستمتاع بالراحة التي توفّرها بلدة المنتجعات الصحية.

وفي القرن التاسع عشر، استمرّ هذا الشغف بالسفر، بيد أنّ تطوّر وسائل النقل والاتصالات بدّل طرق التعبير عن هذا الشغف. وأفسحت موضة الجولة الكبرى المجال تدريجيًا أمام مفهوم “السياحة”[8] والأنشطة الترفيهية المرتبطة به، بما في ذلك السفر إلى وجهات بعيدة أكثر فأكثر.

واليوم، هذا هو الإرث الثقافي نفسه – من أوروبا في فترة تأسيس الدار – الذي تعيد فان كليف أند آربلز تفسيره، مع مجموعة المجوهرات الراقية لو غران تور (Le Grand Tour raconté par Van Cleef & Arpels) أو الجولة الكبرى كما ترويها فان كليف أند آربلز. فجاءت القلادات النحتية وأقراط الأذن الضخمة المتدلية لتذكّر بجواهر عصر النهضة؛ في حين أعادت الأساور العريضة تفسير مشاهد لمواقع معروفة، بأسلوب الفسيفساء الدقيقة العتيقة. وتكوّنت المشابك المبهرة من نقوشٍ نافرةٍ عتيقة الطراز وجواهر منقوشة. سبعون إبداعًا من المجوهرات تمثّل دعوةً لاكتشاف قدرة الدار على الابتكار، وتميّز درايتها وذوقها الفريد في الأحجار الكريمة. لكنها أيضًا تمثّل فرصةً لفان كليف أند آربلز من أجل إعادة تأكيد ارتباطها بالفنون، وإظهار أن الرحلة العظيمة هي بالفعل عمل فنّي قائم بحد ذاته.

مشبك كورنوكوبيا

©فان كليف أند آربلز – إيناس ديلمان

 

“تحتفل هذه المجموعة من المجوهرات الراقية بتقليد لطالما أبهرنا. ففي بداية القرن العشرين، عندما تأسست دار فان كليف أند آربلز، كان الفضول حيال الثقافات الأخرى، والفترات الزمنية والأشكال الفنية وسيلة لإذكاء الخيال وإنتاج إبداعات مبتكرة. ولكن حتى قبل ذلك، كان السفر إلى الخارج لاكتشاف آثار الحضارات القديمة بمثابة ممارسة تشجع على انفتاح الفكر بالنسبة للمفكرين والفنانين في أوروبا. وكان للسفر تأثير قوي على استخداماتنا في أيامنا هذه. وما زلنا نسافر لتوسيع وجهات نظرنا، بحثًا عن تجارب ولقاءات جديدة.

المجموعة متعدّدة الأبعاد. تجمع بين تقاليد المجوهرات والفنون الزخرفية من جهة- فمثل تلك الأشياء كان يجلبها المسافرون معهم كهدايا تذكارية من رحلاتهم – وفكرة اكتشاف الفترات الزمنية والثقافات والخلط بينها من جهة أخرى. لذلك، اتبعنا درب أسلافنا واخترنا المدن التي اشتهرت كمحطّات سفر عبر التاريخ. لقد استلهمنا من المجوهرات العتيقة الطراز – الرومانية أو الإتروسكانية أو تلك التي تعود للعصور الوسطى أو عصر النهضة -، ومزجناها بتراثنا وأسلوبنا وحرفنا، فكانت النتيجة أشبه بكتاب رسم مفعم بالألوان يمثّل دعوةً إلى الانغماس في وجهات السفر والأحجار الكريمة “.

 

نيكولا بوس، الرئيس والمدير التنفيذي لدار فان كليف أند آربلز